برنامج أپولو
بعد أقل من شهر سيحتفل المهتمون بمرور نصف قرن على نزول أول إنسان على سطح القمر في تلك اللحظات المشهورة من تاريخ البشرية التي حصلت في ٢٠ يوليو ١٩٦٩، ولعل الهدف الأسمى للإدارة الأمريكية آنذاك كان هو التفوق على السوفييت في سباق الفضاء، ولكن العلماء الذين عملوا في برنامج أپولو للهبوط على القمر جاهدوا للاستفادة علمياً من تلك المغامرة العظيمة.
برنامج أپولو كان هو ثالث برنامج فضائي بشري عملت عليه إدارة الطيران والفضاء الوطنية (ناسا) الأمريكية، فقد سبقها برنامج ميركري الذي أوصل رواد الفضاء الأمريكان إلى الفضاء، وتبعه برنامج جمناي الذي عزز من القدرات الفضائية الأمريكية ليمهد الطريق لبرنامج أپولو.
استمر برنامج أپولو لمدة ١١ عاماً منذ عام ١٩٦١ سعياً لإيصال الإنسان إلى القمر، وكانت أولى رحلات البرنامج في عام ١٩٦٦ ولكن لم يحصل نزول على القمر إلا في ١٩٦٩، وعلى مدى ست سنوات تالية تم إنجاز خمسة نزولات أخرى قبل انتهاء البرنامج الذي عانى من مصاعب مالية شديدة، فكانت النتيجة هبوط ١٢ إنسان فقط على وجه القمر.
آثار رحلات أپولو ما زالت موجودة على القمر، ويمكن رؤيتها لمن لديه المعدات البصرية المناسبة والمعلومات الدقيقة حول مواقعها، لكن الرحلات لم تترك آثاراً فقط بل تركت عدة أجهزة علمية استفاد العلماء منها لفترات طويلة وبعضها ما زال يستعمل، فكان هناك تركيز على كشف حركة أرض القمر فوضعت عدة أجهزة لقياس الحركات الاهتزازية، ولأنه لا يملك غلاف جوي يقيه من الصخور المتساقطة من الفضاء أمكن قياس مئات الاهتزازات التي سببتها النيازك الساقطة على القمر، كما أمكن قياس اهتزازات الزلازل القمرية التي تدوم (بسبب جفاف القمر) مدة أطول من الزلازل الأرضية، وبالغ الأمريكان إلى درجة استعمال مقذوفات لقياس تأثيرها على القمر.
من الأجهزة المهمة هي نصب عدة مرايات على سطح القمر يتم استخدامها لقياس بعد القمر عن الأرض بدقة كبيرة باستخدام أشعة ليزرية من الأرض، وقد كشفت الدراسات للقياسات المأخوذة أن القمر يبتعد عن الأرض بمعدل يقارب ٤سم سنوياً.
من تراث برنامج أپولو أيضاً قام الماشون على القمر بجلب ٣٨٢كغ من تربة وصخور القمر، ومن بينها قطع صغيرة جلبت في آخر رحلة قامت الحكومة الأمريكية بتوزيعها على جميع ولاياتها الخمسين بالإضافة إلى زعماء ١٣٥ بلد حول العالم.
رحلات أپولو هي الوحيدة التي أوصلت البشر إلى القمر ولكنها ليست الوحيدة في وصولها إلى القمر، حيث كانت آخر مهمة ناجحة هي مهمة چانگئي ٤ الصينية التي أنزلت مركبة تطوف في الجانب الأبعد من القمر منذ ديسمبر الماضي، وفي فبراير فشل الكيان الصهيوني عندما تحطمت مركبة برشيت أثناء هبوطها في أول مهمة غير حكومية إلى القمر، والمستقبل يحمل مهمات عديدة من ألمانيا وروسيا والصين وكوريا الجنوبية والهند والولايات المتحدة واليابان، كما تنوي الولايات المتحدة العودة بالبشر إلى القمر بعد ثلاث سنوات من الآن وقد تتبعها روسيا بعد ذلك بثلاث سنوات.
سيبقى القمر مصدر إلهام البشرية في أحواله العديدة!